{وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (30)}.التفسير:حين أصبحت الأرض صالحة لاستقبال الكائن البشرى، أعلن اللّه تعالى في الملأ الأعلى هذا الخبر، وآذن الملائكة بأن كائنا بشريا سوف يظهر في الكوكب الأرضى، وسيتولى قيادة هذا الكوكب، ويكون خليفة اللّه فيه! والآية صريحة في أن هذا الكائن البشرى أرضىّ المولد، والنشأة، والموطن، وأنه من طينة الأرض نشأ، وفى الأرض يتقلب، وفى شئونها يتصرف.. {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}.هكذا من أول الأمر.فلم يكن آدم ابن السماء فلما عصى ربه طرد منها ليكون خليفة اللّه على الأرض ولو كان ذلك كذلك لما كان للملائكة أن ينفسوا على آدم هذه الخلافة، التي تبدو في هذا التصور عقوبة وتجريما، أكثر منها حباء وتكريما.ولكن آدم- وهو ابن الماء والطين- لا يتوقع منه إلا أن ينضح بما في الماء والطين، وبما يتخلّق من الماء والطين، من طبائع بهيمية، تغرى بالعدوان والفساد.. وهذا ما جعل الملائكة يقولون هذا القول بين يدى اللّه، في آدم وما يتوقع منه، فما هو إلا إنسان في مسلاخ حيوان ذى مخالب وأنياب! وذلك قبل أن يكشف اللّه لهم عن ملكات أخرى لهذا الكائن الترابي، لا يملكها الملائكة، في عالمهم العلوي، عالم النور والصفاء! وتلك آيات بينات، تشهد لقدرة الخالق العظيم.